بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا و حبيبنا محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم
لقد أثنى الله عز و جل على نفسه بالرحمة و من أسمائه الحسنى )الرحمن (
و معناه: واسع الرحمة و) الرحيم ( ومعناه دائم الرحمة،
وما توبة الله على عباده إلا صورة من صور هذه الرحمة.
فكم أذنب العبد من ذنوب عظيمة و ظنوا الهلاك بأنفسهم،و لكن رحمة الله كانت أعظم و أوسع.
و كم أصّر الناس على المعاصي،و لكنهم لما رجعوا إلى الله و أستغاثوا بعفوه تداركتهم رحمته و شملهم عفوه.
و قد ورد في بعض الأسفار القديمة أن رجلا أطاع الله 20 عاما ثم ما لبث أن إنقلب على عقبيه فعصى الله 20 عاما أخرى، و لما أفق من غفلته أراد أن يتوب و لكنه وقف حيران مضطربا لا يدرى إن كان له توبة أم لا فسمع هاتفا يقول له:
عبدي...أطعتنا فأكرمنك،و عصيتنا فأمهلنك، و إن عدت إلينا قبلناك..
و عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول
) يا بن ادم إنك ما دعوتني و رجوتني غفرت لك ما كان منك و لا أبالي..يا بن ادم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم أستغفرتني، غفرت لك و لا أبالي..يا بن ادم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا، لأتيتك بقرابها مغفرة '(( رواه الترمذي و الطبراني
و لذلك ،قد حفل القران الكريم بالأيات التي تدعوا إلى التوبة ، قال تعالى:
)) أفلا يتوبون إلى الله و يستغفرونه و الله غفور رحيم..(( سورة المائدة الأية 74
)) و توبوا إلى الله جميعا أيها الناس لعلكم تفلحون(( سورة النور الأية 31
إن التوبة صفة ملازمة للمسلم
فكلما سقط في معصية أستغفر و أناب
فعلى المسلم أن ييسر و لا يعسر و يبشر و لا ينفر،و يرغب الناس في رحمة الله قبل أن يرهبهم من عقابه عملا بقوته تعالى:
)) نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم،وأن عذابي هو العذاب الأليم (( سورة الحجر الأيتان 49-50
فقد أمرالله تعالى رسوله الكريم صلى الله عليه و سلم،أن يبشر عباده برحمته قبل أن ينذرهم بعذابه. و لذلك كانت بعثة الرسول صلى الله عليه و سلم في حد ذاتها رحمة للعباد قال تعالى:
)) و ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين(( سورة الأنبياء الأية 106
فوجب على كل مسلم أراد أن يسلك طريق الدعوة و الإرشاد أن يكون مشبعا بالشفقة و الرحمة على العباد بدلا من الحقد و النقمة و لنا في رسول الله صلى الله عليه و سلم أسوة حسنة إذ و صفه ربه فقال:
)) لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم (( سورة التوبة الأية 129
و لذلك على المؤمن أن لا يغتر بكرم الله ،و يظن أنه سيدخل الجنة من غير عمل صالح، فقد أبطل الله تعالى هذا الظن بقوله:
)) ياأيها الإنسان ما غرك بربك الكريم(( سورة الإنفطار الأية 6
بل لابد للمسلم أن يعمل من الصالحات و يقدم من الطاعات ما يرشحه لنيل رحمة الله و إستحقاق دخول جنته.
هذا ما وفقني الله إليه
و لم يبق لي إلا أن أقول : إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت و ما توفيقي إلا بالله عليه توكلت و إليه أنيب